2010/03/14

العالم لا يشتم صراخ الأرواح بدارفور

اشتم بأنفي الأصوات، و انفي لغتي بين المعنى والمبهم، انفي ثرثرة الأضداد، أنفي أسئلة لإجابات توغل في الإبهام وفي التأريخ.
جاؤا في الصمت، كانوا جندا و صراصير قتله، كانوا زرا زير أبابيل، وأنا أقود قبيلة جدي لهدم الغفلة اركب فيما يركب أبنائي فيلاً، في السر توسوس لي نفسي أن افعل، أن اطرد من ارضي شبح الموت الآثم: الموت؟ يقول جدي عبد الكريم إدريس آدم: الموت الكافر.
كانوا ما يسميه السحرة جنجويدا، حكاما وسلاطين و مسلمين من عرب النيجر و جمهورية شاد، مثل جراد من طينة جن و كلاشنكوف، مثل أزيز الطلقة و آآآآهةِ سيدة مغتصبة، ونسائي العشرين و بناتي التسع و أولادي الخمسون، سكارى من عطر البارود وجدي يعلن أن النصر في حد الصبر و تقبيل النار، يعلن أن الله يؤرخ للقتلى بدماء نحيب المغتصبات، وانفي تشتم كلام الله، مثل نبي يتسول في العرش يندس بين حروف العلة و المجرور، يحسبه الحراس ذبابة تقوي، واحسبه موسيقي تدفيء روحي في الجنة بنار الإفك
بلدي دارفور، ووطني ما يخرج من مَنِيٍ حامض من سُرة جدي، أمي تحبل بالأحجار و بالماء وعلى عينيها بقايا ما ترك الجند من الليمون و اليوسفي على شاطئ خور معوج كثعبان، بلدي لغتي كذاكرة الأطفال تهوّم بين السحر وما بين الأحلام و بيتي، تحبل امرأتي بالطين و بالشمس السوداء الشبقة، وطني حيث تنبت في النطفة امرأة و رجال وهوام.
لن يقتلنا الموت أو الإهمال، لن يمحو ذاكرة الأرض تبول ناقتهم في الرمل، فالرمل يقاوم مثل البنت ومثل اللغة و انفي.
صباح الخير، العالم يغشاه نعاسٌ، العالم لا يشتم صراخ الأرواح بدارفور.

بركة ساكن كاتب من السودان
8-3-2010
خاص فوبيا