2011/06/19

من حظر رواية "الجنقو .. مسامير الأرض"؟ -عصام ابو القاسم


إقتباس:
وما يهمنا في هذا المقال هو لجنة القصة والرواية وهي اللجنة التي قامت بحظر الرواية الفائزة (الجنقو مسامير الأرض للكاتب عبد العزيز بركة ساكن )وقد ظننت وبعض الظن إثم أن اللجنة تضم كتاباً من المتشددين الذين انغلق تفكيرهم في نفق يسير في اتجاه واحد.. ولكنني حقيقة دهشت غاية الدهشة حينما اطلعت على القائمة التي تضم لجنة التحكيم والإجازة والحظر على الرواية. وقد طلبت الإذن بنشرها حتى نبرئ جميعاً ساحة مجلس المصنفات، فالعيب فينا ومن بيننا وليس في مجلس المصنفات الذي اختار مجموعة من المحكمين لو أنهم تركوا لنا الخيار لأجزناهم بالانتخاب ومن الغريب ان يتم الحظر من مثل هذه المجموعة المنتقاة بعناية شديدة وقد استأذنت اللجنة المسؤولة بالمصنفات في نشر أسماء الذين يكونون لجنة المخطوطات الثقافية في ما يختص بالرواية وهم:
الأستاذ إبراهيم إسحق.. الأستاذ مجذوب العيدروس.. الأستاذ أحمد الصادق.. الأستاذ الخاتم عبدالله.. الأستاذ عيسى الحلو
.
من مقالة بثينة خضر مكي /جريدة الاهرام اليوم السودانية/ عدد 18 يونيو 2011 وعنوانه :يا للمفاجأة.. نقاد وكتاب كبار وراء مصادرة النصوص الإبداعي
ة
حظر روايته «الجنقو: مسامير الأرض» الفائزة بجائزة الطيب صالح للإبداع الروائي في دورتها الأخيرة يكون عبدالعزيز بركة ساكن (مواليد 1963) الكاتب السوداني الأكثر تعرضاً لقرارات الحظر التي أصدرها المجلس الاتحادي للمصنفات الفنية والأدبية في الخرطــوم، عــلى الأقل خلال العقد الأخير، إذ صودرت مجمــوعته القصصية «امرأة من كمبو كديس» في 2009 وجمعت من جناح مكتبة عزة في معرض الخرطوم الدولي للكتاب، كما يقول في حديثه إلى «الحياة».

وقبلها كانت أمانة الخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005 أصدرت مجموعته القصصية «على هامش الأرصفة» إلا انها سارعت إلى سحبها بعد اجتماع ساخن لمسؤولين نشرت وقائعه صحيفة «الحياة» المحلية وقد استغرب بعضهم محتوى المجموعة القصصية الـ «خادش للحياء العام»!

وبذلك تكون معظم أعمال بركة ساكن الأدبية «محظورة» في الخرطوم... وهو يقول أيضاً إن ثلاثيته التي ضمّت روايات «الطواحين» و«رماد الماء» و«زوج امرأة الرصاص وابنته الجميلة» التي صدرت أخيراً تحت عنوان «ثلاثية البلاد الكبيرة» ضمن منشورات «مكتبة الشريف الأكاديمية»، هي الأخرى لم تسلم، فالثلاثية صودرت قبل شهرين إلا أن ناشرها تمكّن من فك حظرها شرط ألا يوزعها!».

سألت وليد سوركتي من مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، وهي الجهة المنظمة للجائزة والناشرة، إذا كان مجلس المصنفات حظر أي منشورات أخرى لهم فقال: «لأول مرة منذ عام 1999 ـ حيث بدأنا النشر ـ لا يوافق المجلس على كتاب من منشوراتنا». ويقول أيضاً: «اقترحنا على بركة قبل النشر أن يحذف بعض الكلمات التي رأينا انها قد تثير حفيظة بعض الجهات، لكننا شددنا على حقه في القرار باعتبار أن العمل عمله».

ويقول بركة: «الغريب انني وافقت على الحذف والرواية المحظورة هي رواية حذف منها ما حذف».

أما نور الهدى صاحب «دار عزة» فأكد أن مجلس المصنفات حظر 17 عنواناً من إصدارات داره منذ تأسيسها في 2001 ولكن ليس بينها مجموعة «امرأة من كمبو كديس»!

وكان الكاتب عبدالعزيز بركة عمم نسخة من قرار الحظر الأخير، عبر الايميل، للأصدقاء والمعارف، مصحوبة بالمادة 15 التي استند إليها المجلس في قرار الحظر، ونشر روايته على رابط في الانترنت بالتزامن مع حملة تضامن مع روايته أطلقها بعضهم على الفايسبوك تحت عنوان: «تضامن لفك حظر رواية الجنقو مسامير الأرض» وتضامنت مع الكاتب مواقع الحوار الثقافي الإلكترونية!

وأصدر اتحاد الكتّاب بياناً استنكر فيه حظر الرواية كونها فازت بجائزة الطيب صالح للإبداع الروائي وورد فيه: «إن الرواية المحظورة هي عمل إبداعي حاز تقدير لجنة محترمة من كبار المبدعين والنقاد الرصينين في السودان...». وجاء في البيان أيضاً: «إننا في اتحاد الكتاب السودانيين نشجب مثل هذا المسلك الذي يجنح الى فرض وصاية لا معنى لها ولا موجب، على إنتاج المبدعين السودانيين، ونراه مسلكاً ساذجاً غاب عنه ما وفرته ثورة الاتصالات والمعلوماتية من قنوات للتواصل والانفتاح اللامحدود...».

وفي حديثه إلى «الحياة» قال الناقد مجذوب عيدروس المحرر الثقافي في صحيفة «الصحافة» إن عملية الحظر لم تعد مجدية «في عصر الانترنت»، مشدداً على أهمية تعهد الجهات المختصة بمسألة تصنيف الكتب وإجازتها لنقاد وكتّاب لهم دراية، بخصائص العمل الإبداعي، «لكن للأسف مثل هذه اللجان يشغلها أناس لا صلة لهم بالإبداع...».

ويضيف: لكن على الكتّاب أن ينتبهوا أيضاً إلى أن كتبهم عرضة للحظر لأن ثمة قيماً رقابية ما زالت تتحكم فينا... لذا ينبغي لهم أن يتحايلوا على ذلك بالرمز والتلميح، والقارئ بمقدوره أن يفهم».

ويشير عيدروس إلى عددٍ من العناوين الروائية التي صدرت أخيراً من دون أن تحظر وهي لكتّاب مثل: عيسى الحلو وأحمد الفضل ومحمد خلف الله سليمان وسواهم، موضحاً انها تحايلت علي هذا الواقع الرقابي وكسبت موقعها في المكتبة السودانية.

لكنّ الناقد مصطفي الصاوى يلح علي ضرورة ألا يتخوّف الكتّاب من الحظر: «الإبداع شرطه الحرية». لا أعرف الجهة التي حظرت الرواية لكنها حاكمت العمل علي أساس أخلاقي وليس فنياً». ويرى الصاوي أن الكاتب بركة ساكن مستهدف بذاته من هذه الجهة.

تعكس رواية «الجنقو: مسامير الأرض» الأجواء الغرائبية لحياة «الجنقو»، وهم عمال الزراعة المطرية الموسمية، في المنــاطق الحدودية بين السودان وإثيوبيا وأرتيريا، وهي تحكي علاقتهم عن الأرض والنساء والتجوال، وتقارب التحولات التي حصلت في واقعهم «العمالي» نتيجة إدخـال الآلة الزراعية الحديثة.