2009/07/07

قصص أطفال


فَارِسْ بِلالة

كانت في الماضي قرية علي نهر شَارِي تُسمى التُنْدُرَايَا، يفصل بينها و النهر غابة صغيرة، يعيشُ القَرَويون علي ثمار أشجارها و فلاحة أرضٍ خصبةٍ على شاطيء النهر. يحصلون على حاجتهم من اللحوم عن طريق صيد الحيوانات البرية التي تتوفر بكثرة في تلك الغابة و أسماك النهر. يعتمدون في علاجهم علي ما تنتجه الغابة من ثمار ، أعشاب، لحاء و جذور. كانوا سعداء يعيشون في أمان وسلام، إلى أن حدث ذات صباح مالم يكن في الحسبان.
كعادة الناس في التُنْدُرَايَا يستيقظون في الصباح الباكر، حيث يمضي المزارعون إلى مزارعهم، و الصيادون إلى النهر و المُعْرَاقِيون وهم أطباء القرية، إلي عمق الدغل حيث تتوفر الأعشاب الطبية. الكل لديه ما يعمله، حتى الأطفال فإنهم يقضون وقتاً ممتعاً في الخلوة لدى المُعلم العجوز، و بعد الظهر يخرجون للغابة لإلتقاط الثمار أو صيد الأرانب و الطيور و اللعب و السباحة في ماء النهر وعلى رماله.
في ذلك الصباح الذي لن ينساه أحدٌ من سُكان القرية، وبينما كان القرويون يعبرون الغابة إلى مواقع عملهم، إذا بهم يسمعون صوتاً غليظاً مُرعباً يصدر من عمق الغابة، عرف القرويون منذ الوهلة الأولى أنه زئير أسدٍ، ولكنه ليس أسداً عادياً لأن زئيره لم يكن طبيعياً، بل كان كهزيم الرعد، هربت عند سماعه الحمير، الكلاب والحصين حتي التي كانت تحمل أصحابها على ظهورها، أطاحت بهم أرضاً وهربت، الأغنام تبعثرت في كل مكان، الأبقار أخذت تهرول كما لو أصابها الجنون، كل من في القرية دخله الرعب، وجرى الناس عائدين في اتجاه بيوتهم، وهم يموتون من الرعب، تمكن الأسد في ذلك الصباح من القضاء علي عشرين من الأغنام، بقرتين، حمار و كلب.
اجتمع سُكان القرية في الظهر عند بيت الحَبُوبَة حَرِيرَة أم جبرين، وهي عرافتها وخازنة أسرارها، ووالدة شيخ جبرين مؤسس القرية، كان القرويون يلجأون إليها في أوقات الشدة. تحدث أبكر وهو واحد ممن ادعوا رؤية الأسد بعينيهم:
- سُبحان الله، أول مَرة أشوف أسداً في حجم ثُور الجاموس.
وصفه البعض بأنه أحمر اللون، قال البعض إنه أسود، أكد أبكر أنه أبيض مثل ثوبه الذي يرتديه الآن.
كانت المشكلة الأساسية في كيف يتخلصون من هذا الأسد الذي سوف يدمر قريتهم، قال أحد الجُبناء:
- علينا أن نترك القرية، إلى أن يذهب الأسد عن الغابة، ثم نعود.
سخر الناس منه، ولكنهم لم يتمكنوا من أن ياتوا برأي أكثر رَجاحة، أخيراً تحدثتْ أمْ جِبْرِين قائلة:
- أين فارس بلالة؟
تلفت القرويون حولهم، لم يكن هنالك. لقد كان فارس بلالة هذا رجلاً غريباً غامضاً، مفتول العضلات، ضخم الجسد، يسكن في أقصي جنوب القرية وحده، لم يعرف الناس عنه الكثير،لا يخالط الناس كثيراً، يُرى دائما على فرس أسود ضخم، يحمل حربته وعلى كتفه سيفٌ،يلقبه الناس بفارس بلالة لما يبدو عليه مظهره الخارجي، على الرغم من أنهم لم يشهدوا له بواقعةٍ تؤكدُ فروسيته، قالت لهم الحبوبة حريرة:
- هيا نذهب إليه في بيته، انه هناك بلا شك.
كان في ذلك الوقت قد اشتد زئير الأسد، وازداد الناسُ خوفاً و رُعباً، ومضت القرية كلها إلى منزل فارس بلالة. كانت قُطيّتَه مغلقة، وحصانهُ مربوطاً في زريبة البيت، صاح الناس منادين:
- يا فارس بلالة نحن نحتاج إليك، أين أنت؟
قالت لهم الحبوبة حريرة أم جبرين:
- إنه بالداخل.
خَطرتَ لها فكرة عجيبة، لذا طلبتْ منهم أن يتركوه، و أن يأتوا بجلدِ عجلٍ طازجٍ، ويقطعونه في شكل حِبال. قام بذلك بعض الشباب بسرعة البرق، بعد ذلك طلبتْ من الشباب أن يخلعوا باب القُطِيّة، وعندما سمع فارس بلالة ذلك صاح من الداخل:
- ماذا تريدون مني؟
قال له أحدهم:
- ألم تسمع زئير الأسدْ؟
قال فارس بلالة بصوت مرتجف:
- وماذا يعني ذلك؟
قال له آخر:
- يجب التخلص منه.
قال فارس بِلالة:
- و ما دخلي أنا في ذلك؟
قالت له الحبوبة:
- أنت فارسنا، و أقوي شاب في القرية، نريد منك أن تخلصنا من الأسد؟
قال فارس بلالة من وراء الباب:
- أنا أكره ما أكره في هذه الحياة الأسود، أرجوكم أبحثوا عن شخصٍ آخر يقوم بهذه المَهَمة، وليأخذ فرسي و سيفي و عصاي.
بِأمر الحبوبة الحكيمة، هجم الشباب علي فارس بلالة، واقتادوه من قُطيته، وهو يصرخ ويقاوم بشراسة، ثم أتوا بفرسه الذي أخذ يصهل متجاوباً مع زئير الأسد، متشوقاً لملاقاته، لقد كان فرساً أصيلاً شجاعاً و جميلاً،ثم أتوا بالجلد الرطب، قاموا بربط فارس بِلالة على الفرس جيداً، ثم علقوا له سيفه على كتفه، وضعوا حربته على جرابها يمينه، واطلقوا الفرس نحو الأسد، الذي يزأر الآن بصوت أقوى، وهو يتبختر في الغابة، وانطلق الفرس جارياً في جنون صوب صوت الأسد. كان فارس بلالة يصرخ مرعوباً، يستعطف الناس أن لا يتركونه للأسد، أن يوقفوا الفرس، إلا أن الحبوبة حريرة كانت تقول لهم مطمئنة:
- هذا هو شأن الفرسان، بيدون شيئاً، ويفعلون ما هو جديراً بهم.
دخلَ الفرسُ الغابةَ. كان فا رس بلالة يقبض أفرع الأشجار محاولاً ايقاف الفرس، ولكن الأفرع الصغيرة حالما تنكسر بفعل قوة الفرس وثقل فارس بِلالة، حاول السُقوط من على ظهر الفرس، ولكنه كان مربوطاً بصورة صارمة بالجلدِ على الفرس، وكلما فشلت محاولاته، كان يقترب الفرس أكثر من الأسد، إلى أن رأي على مسافة ليست بالبعيدة الأسد هائجاً، يلقى بالأشجار الصغيرة تحت قدميه وهو يزأر. هنا جمع فارس بلالة كل قوته، ومسك بفرع شجرة عرديب عملاقة كان الفرسُ يمرُ من تَحتها، و استطاع أن يفلت من الرباط، بالتالي يتحرر من ظهر الفرس، ويترك الفرس ينطلق وحده نحو الأسد، حيث دخل في معركة مع الأسد غطى غبارها الأشجار وحجب الرؤية، كان فارس بلالة قد صعد علي فرع شجرة العرديب يرتجف من الخوف، إلى أن خرج من غمامة الغبار الأسد، كبيراً، غاضباً،مرهقا. لم يستطع أن يميز لونا محددا له، ولا حجما، بل كان يراه في حجم الفيل مرة، ومرة في حجم الجاموس، ومرة كالجبل. تقدم الأسد نحو الشجرة التي عليها فارس بلالة. يبدو أنه قد أُرهِقَ من جراء معركته مع الفرس. رقد تحت الفرع الذي عليه فارس بلالة، كان فارس بلالة يرتجف من الخوف، إلى أن تبول على الأسد، وعندما أحس الأخير بالبلل نظر إلى أعلى،التقت عيناه بعيني فارس بلالة الذي سقط من الرُعب على ظهر الأسد، وبدون إرادة منه أمسك بأذني الأسد الكبيرين، الذي أزهلته المفاجاة، ونهض وعلى ظهره فارس بلالة وجري مزعوراً نحو القرية، وكان الأسد يزأر خائفاً، وفارس بلالة يصرخ وهو في شبه اغمائة. إلى أن دخلا القرية، وعندما شاهد القرويون فارس بلالة يركب على ظهر الأسد، زغردت النساء، وهلل وكبر الرجال، وصاح الأطفال مشجعين ومندهشين، كان الأسد المرعوب يدخل البيوت، يقفذ علي الزرائب، يخترق الأشجار الشائكة و الرواكيب، يدور حول نفسه، وفارس بلالة يُمسك به بقوة ورعب، إلى أن سقط الأسد وسط القرية ميتاً من التعب،هُنا تجمع القرويون، ليأخذوا فارس بلالة من ظهره، لكن أكفه ظلت قابضة على أذني الأسد إلى أن قام الناس بقطعهما. وعُرف منذ ذلك اليوم، في كل القُرى المحيطة بنهر شاري، إلى ما بعد تخوم مملكة ودّاي ودار مساليت؛ أنه لا يوجد رجلٌ أكثر شجاعة من فارس بلالة الذي ركب الأسد كما يركب الناس الحمير.

عبد العزير بركة ساكن
الخرطوم14-2-2009

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...


بغض النظر عن حقيقة أن أكون قد والاكتئاب وعاطفيا traumaized بعد اختار زوجي للحصول على الطلاق، وكان الحب كان لي بالنسبة له مجرد كثيرا لتمرير .على يوميا المؤمنين رأيت العديد من المناصب حول كيفية الدكتور Zadson من eduduzadsontemple @ yahoo.com يساعد فعلا استعادة الزواج كسر في غضون 48 ساعة فإنه يبدو وكأنه معجزة والإغاثة في مجملها، وأنا أرسلت له رسالة بالبريد الالكتروني وكما أن الله سوف يكون ذلك أجاب وعدت لمساعدتي في الحصول على زوجي مرة أخرى وها بعد 2 أيام دعا زوجي واعترف معي لاعادته الإعلان في الفضاء من 1 أسبوع كان اتحادنا أفضل وأقوى مما كانت عليه. أنا أكثر من سعيدة، وأنا توظيف كل المتألمين في الاتصال به عبر eduduzadsontemple@yahoo.com للحل.