2009/08/08

مَحض تَشهٍ.....كيكا


ما تعلمه الجندي في حياته، تحصده طلقة واحدة، والسيدة التي اختلقتها من أجل الحب يسحبها التيار نحو بقايا السفن المنسية وكنوز عصور تعرف الآن بعطرها وشئ من اللوتس الأسود، على شاطئ النيل يجلس النوبيون يروون لي كيف بنى جدي الهرم الأكبر ثم تزوج ببنت صانع التوابيت الحجرية في مصر السفلى.. أنا لا أضحك، أرسم في شفتي ليّة فمك، وردة خدك العميقة، أبحر في ماء شفيف ينطلق نحوي، يسكرني وتصطف البُنيات الجميلات المشيطات، سوقهن تهرع في الوقوف.. ويهتم الشعراء، ينشدون يقولون إن العالم أجمل.. وإنه الآن أحلى وإن الليل تملص من قبضة الشرطي وهراوته والتهم كلاب الحرس البُنية.. وأنا وأنت على المقهى، نحملق في عينيّ بعض، نتشهي أن نُتْرَك وحيدين وأن يمضي الناسُ إلى ما شاءوا.. أن نُترك والنادل ينعس، يتمطى، يجمع كرسياً على فنجان بارد وزجاجة ماء فارغة، عقب سيجارة بينسن، لفحة مريلة عصير العاشقة المحزون، رماد سجائرنا، فليتركنا، نحملق في عينينا نتشهى أن نرقص في العشب أو الماء أو الرمل وأن نبني بيوتاً من وقت يتكسر بين أناملنا ويسيل لعاب الليل الليل الليل، وتبقى آخر فتاة للأسفلت ولا امرأة أخرى غيرك تمشي بساقين شهيتين إلى موقف أم درمان ولا.. غير الشرطي البارد يمل صوتاً ورصاصاً وحافلة لا تمضي إلى أين.. رجال لا يمضون إلى إين.. كماسرة يتخذون من الأسفلت لباساً وينامون..

وأنت آخر عذراء في تلك الليلة تنظر في عينيّ عميقاً وتتعشق أن يتركنا النادل إلى أنفسنا وحيدين.. ويتركنا النادل، المدينة لا تعرفني وأنت القروية لا تعرفين سر الغربة ولا تفهمين معنى أن يتركنا النادل ننظر في عينينا نتشهى أن يتركنا النادل وأن يمضي ..غداً، غداً، يكتمل الفجر، تستهويني رؤية قبر الجندي ونبش حبيبته من موت قد يخدعنا أو يدل القاتل عنا.. أعرف أنك لا كالأم ولا كالبنت ولا كالعاشقة ولا بنت الليل.. وأعرف أن وجودك في المقهى محض تشهٍ، وأعرف أني اخترق الليل إليك كالمتسول للدفء وللرائحة..

وأعرف أنك لا.. إلا أن تأتي إلىّ، وأن تلتئم اللوحة وأن : نَسْقُطْ